
جون جاك روسو :سؤال الطفولة و الإنسان
المؤلف : الأستاذة بوصوار نجمة
المؤسسة: قسم الفلسفة، جامعة مستغانم
للإتصال بالمؤلف : عنوان البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
مخبر البحث : الأنساق، البنيات، النماذج والممارسات، جامعة وهران2
اذا كانت المشكلة التي واجهها جون جاك روسو في بداية حياته هي " كيف عليه أن يشق طريقه بعد أن فقد أمه على إثر مولده ، كطفل فقير تخلى عنه والده وراح يضرب في الآفاق اثني عشر عاما ، من دير إلى آخر ، و من مرب إلى معلم في مدن غريبة و مذاهب دينية متناحرة ، فالمشكلة الأساسية التي واجهها روسو الفيلسوف هي " كيف يلتمس طريقه و هو ينكر جميع أشكال الامتلاءات ، منفردا بخطابات شديدة النبرة ، خطابات في عمق فلسفة الأنوار استطاعت أن تخرج عن المألوف ، بعد أن شق لنفسه بلغته الخاصة ما يجعله متميزا عن كتاب و فلاسفة عصره ، فاتحا بذلك أفقا جديدة شكلت نوع من اليقظة و الثورة في تاريخ العقل الغربي .
كانت أوروبا آنئذ مهيأة لعصر جديد ، بفضل روسو الذي كشف "عن قيود و حقيقة التقاليد و الأعراف و الآداب و القوانين و بعد أن سمعت ما يكفي عن العقل و الجدل و الفلسفة، وبدا أن كل تلك الفوضى فوضى عقول ، جرّدت الدنيا من المعنى و جردت الإنسان من الإحساس ، وجرّدت النفوس من الخيال "[1]
هنا لعبت عبقرية روسو دورها في التاريخ أين أعطى للإنسان مكانة جديدة ، ليتسنى له القيام بدوره إزاء المجتمع والدولة ، منطلقا من تجاوز النظرة السلبية للفلسفات السابقة المنظرة لطبيعته الغير خيّرة " ليعلق الإنسان أمالا جديدة على نفسه تعطيه طموحا جديدا، لقد خاطب روسو عصره قائلا " إن الإنسان طيب بفطرته إلا أنه أصبح بحاجة الى أخيه الإنسان بعد ما قضى العقل على الشفقة والطيبة و جلب له اشد أنواع العناء !
لقد استطاع روسو أن يحدد للإنسان دورا إزاء نفسه لتغذية شعوره فأصبح تواقا إلى حياة أكثر هدوءا وسلاما من اللحظة التي وجه فيها جملة من الإنتقادات متسائلا : "ما بال هذا " التقدم " و " تحرير العقل " الذي يتفاخرون به " [2] هل أحلاّ شيئنا محل ما دمراه ؟ هل يمكن العودة الى حالة الطبيعة أين السعادة و البراءة و أسمى الفضائل ، هل سيكون مصير الإنسان أكثر وضوحا ....؟
طرح جون جاك روسو هذه الأسئلة و أضفى عليها نوعا من الإحساس و الصدق من تجربة حياتية صادقة ناقدة بروح فلسفية حرّة تتوق إلى الحب، الصداقة ، الطيبة و الحرية فأصغت إليه أوروبا بأسرها بعد أن أّخمد صوته و لم يجد من سبيل سوى أن ينفرد بنفسه .
بعد الاضطهاد و كثرة الإدانات و اختلافاته مع أصدقائه الفلاسفة خصوصا فولتير الذي يعتقد روسو أنه كان وراء إدانة البرلمان لخطابه " العقد الاجتماعي" الذي دافع فيه عن الديمقراطية ، أدانت الكنيسة مؤلفه "أميل أو في التربية " ليحرم روسو من حماية ثلاثة دول ، و بينما كان روسو الموبخ المزدري يختبئ في ظلام حجرة من حجرات باريس بدأ عصر روسو ...وهو لازال يحاول التفكير في الدفاع عن نفسه ...
في عزلته و شدة الاضطهاد يصطحب روسو القارئ مجددا في كتابه "الاعترافات [3] إلى حيث طفولته ، حياته ، الفلاسفة ، الأحداث ، إلى حيث الوطن كمكان لللجوء ،في أخر المغامرات التي يخوضها قلمه حيث يقول " إنني مقبل على مغامرة لم يسبق لها نظير ، ولن يكون لتنفيذها مقلد ، أريد أن أطلع إخواني في الإنسانية على إنسان في كل صدق الطبيعة ، و هذا الإنسان هو أنا نفسي ، أنا مجردا عن كل شيء ..اعرف قلبي..عليم بالناس ..و اذ لم أكن خيرا منهم فإنني على الأقل مختلف عنهم ، أما ان الطبيعة أحسنت أو أساءت بتحطيم القالب الذي صببت فيه ، فذلك لا يستطيع الحكم عليه إنسان إلاّ بعد أن يقرأني [4]، إليكم هذه اللوحة الإنسانية – المنقولة بالضبط بكل صدق – الموجودة الآن و التي ستوجد إطلاقا في أغلب الظن ...و أينما كنتم نصبكم قدري حكما على هذا السجل بكل ما أصابني من خطوب ومحن..وبحق ما تشعرون به من أخوة البشر وباسم الإنسانية جمعاء ، أن لا تنزعوا من شرف ذكراي هذا الأثر الصادق الوحيد لخلقي ، الأثر الذي لم ينل من خصومي تشويهها "[5]
قرر روسو في أواخر حياته أن يؤلف كتاب الاعترافات ذلك لأنه – الفيلسوف الحساس لكل نقد و ظن ²" وعلى غرار كل التراجم الذاتية التي كتبها البعض من سابقيه و التي كانت غرورا في غرور ، كتب روسو قصة روح حساسة خاضت صراعا أليما مع قرن واقعي قاس جدا .
ارتأينا أن نبدا من كتابه " الإعرافات" لانه في مجمله عن روسو الطفل والفيلسوف والإنسان و عن أهم المواضيع كموضوع التربية الذي كان أكبر رهان لروسو في عصره ،بعد أن أسس تصورا عن التربية الحديثة " المتعارف على هذه النظرية التربوية ب " التربية الطبيعية " أو "التربية السلبية" من خلال مؤلفه " إميل أو في التربية"
كتاب إميل كان كتكملة لخطاباته السابقة " خطاب في العلوم و الفنون " " أصل التفاوت بين الناس " " العقد الاجتماعي " بعد أن افترض وجود حالة طبيعية قبل أن ينتقل الإنسان إلى المرحلة التي عرف فيها كل أشكال التمدن و التحضر والثقافة ، حيث أصبح من الضروري البحث عن الأسس التي قامت عليها الدولة في العصر الحديث و طبيعة الأنظمة و أشكال الحكم ومسائل الحرية المرتبطة بالطبيعة الإنسانية ، اهتم روسو كذلك بفنون عدة ، كان يجد فيها الملاذ و العزاء لنفسه من جراء المعاناة و الملاحقات ، و الزيف و البهرجة و التملق ، و كان بما يتميّز به موسوعيا أكثر من الموسوعيين ، و ان كان مؤلفا اتسمت أعماله بالتناغم و الإتساق فسيكون روسو الذي تخذوه فكرة واحدة لا يحيد عنها ، حتى أصبح أقل ما يعرف عنه أنه " رجل الطبيعة الصادق " ، و كان التناقض بين الطبيعة و الحضارة هو السمة التي تميزت بها فلسفة روسو في كل مؤلفاته دون تغيير ، ففي خطابه عن " أصل التفاوت بين الناس " يثور ضد مفاسد الحضارة بالقياس لما يفترضه في " حالة الطبيعة " وفي" العقد الاجتماعي" يقول أن حالة المجتمع ليست بالضرورة فاسدة ، و العقد المبني على الحرية الذي يحترم " طبيعة الإنسان" لابد له من مواطن فاضل ، لذلك استكمل خطاباته الأولى عن العقد والدولة و المساواة " بمؤلفه" إميل" ليضرب المثال بتربية انسان طبيعي يعيش "حياة المجتمع "و مع ذلك يبقى لفكرة التناقض بين الطبيعة والحضارة السيادة على كل ما عرفته أفكاره من تحوير[6] حيث يبقى تصوره للطبيعة محور تفكيره في مؤلفاته الأخيرة " هواجس متنزه منفرد بنفسه " و أهم كتاب استطعنا من خلاله قراءة روسو الإنسان ، " الإعترافات " أين يصور روسو جوانب من طفولته ، و بعض معاناته مع المربيين القساوسة الذين أشرفوا على تعليمه ودون ان يغفل عن كل أشكال العقوبات و الصعوبات التي كان يواجهها جل أطفال العصر أنذلك ، بما في ذلك ، طرق تربية و العلوم التي كانوا يتلقونها ، و يصف روسو الكثير مما جعله ينتقد التربية و التعليم لاحقا كقوله: " عانيت قسوة معلمي .. وانتهى بي المطاف بالهروب من جنيف "[7] و يسرد روسو في استذكاره لأحد أصدقاء طفولته أنه كان مولعا بالرسم و الحفر على الخشب إلاّ أن معلمه كان يضربه بقسوة على ذنوب صغيره " وهذا ما يدفع إلى الرذائل التي يحتقرها الإنسان بفطرته كالكذب ، والكسل و السرقة ..." و قد ينقلب الصبي السعيد إلى غلام منطو مكتئب كاره للكثير من الأشخاص "[8] لذلك يمكننا القول ان مؤلف الإعترافات هو ما يمهّد للدراسات الفلسفية حول روسو.
بنفس الأسلوب الذي كتب به روسو كتابه الإعترافات كتب " إميل أو في التربية " على شكل رواية، إلا أنه يختلف من حيث المضمون ، فكتاب اميل أو في التربية كان يحمل مشروع تربويا ضخما ، أراد روسو من خلال هذا المشروع تنشئة " إميل " – بطل قصته ، في وسط صالح لا يتعارض مع الطفولة و براءة إميل و لن يتحقق هذا إلا بإبعاده عن فساد المدينة حتى يتسنى له إنقاذ أو صقل طبيعته البريئة كما فطر عليها ، تربية مبنية على الحرية مع نبذ الضغط والظلم و الاستبداد عكس الطرق و العادات والتقاليد التي كان كان متعارفا عليها في عصره
خاطبنا روسو سابقا " إليكم هذه اللوحة الإنسانية " هذه الأخيرة أو كلمة " إنسان " كانت النقطة المركزية التي تمحورت حولها كل أعماله وجهوه في مقارباتها مع مفاهيم و نظريات و مسائل السلطة والحكم والحرية و العدالة ، سعيا منه إلى شيء من الإكتمال و الإرتقاء بالإنسان باستعادته لما فقده من انسانيته و فطرته الطيبة عبر تاريخه – من الإنسان الطبيعي – الإنسان التاريخي" بأسئلة تكاد تكون صريحة " ماهي الإنسانية ؟ أهي المرحلة التي ينتقل إليها المرء بعد الطفولة ؟ مامعنى الطفولة والتربية ؟
في معنى الطفولة فإذ كان معنى كلمة طفل حسب منظمة الصحة العالمية بأنها تعبر عن تلك الفترة من حياة الإنسان من لحظة الولاده إلى سن الثامنة عشر ، فإن كلمة » Enfant « مشتقة من اللاتينية » « infans أو " non for " بمعنى " غير المتحدث [9] و الذي لا يتكلم يأتي من الفعل اليوناني " phémi " أي الذي لا يعرف كيف يعبّر عن فكرته ، اذ كانت كلمة طفل تدل في قاموس جودفروي- اللغة الفرنسية من القرن الخامس عشر – على " شاب نبيل لم يصبح فارسا بعد[10]، فإن الطفل هو : الذي لا يعرف التكلم بعد "، لذلك الطفل لا يملك الكلمة ، والدليل هو: عندما "يفكر" و "يعبر" عندها سيكون له معنى [11]
فالكلام ليس أصلا في الإنسانية. وإنما الأصل هو الصرخة غير متمفصلة ، هكذا ذكّر روسّو، عندما وصف تكوّن لغات جنوب الأرض،ورأرى بأن الحبّ وجدان آخر كوجدان الضحك من هذا الغريب العائد، هو الذي دفع إلى مفصلة الصرخات الأولى حتى تجاوزت الإشارة إلى الكلمة تتكلم الطفولة إذن هزؤا وسخرية مما لا تقبل. ولولا تلك السخرية لظلّت الطفولة صامتة، مهمّة الفلسفة إذن إنطاق الطفولة، وإنطاق الطفولة هو استدراجها إلى الإنسانية" [12].
أراد روسو أن يعالج موضوع الطفولة بالشكل الذي يراه مناسبا لها ، كما لم يسبق لأي مفكر أن تفطن من قبل "لطبيعة الطفل و المسائل التي من الواجب مراعاتها على غرار مسائل فطرية الأفكار ، و طبيعة المعرفة و آليات اكتسابها " فموضوع الطفولة ، لم يأخذ نصيبه الكافي من الاهتمام على كثرة الكتب ، اذ كانت بعض الجهود تتجه نحو "فن تكوين الرجال" كأشد الفنون الأكثر نفعا للناس ، إلا أن هذا الموضوع لا يزال رهين الإهمال " حتى بعد أن كتب لوك في الموضوع تركت المسألة كما هي عليه[13] ،اننا لا نعرف شيءعن الطفولة مادمنا ننشد الرجل في الطفل من غير مراعاة ماذا يكون هذا الطفل قبل أن يغدو رجلا ، فالطفل لا يملك التفتح الذهني الذي يمكنه من فهم العالم كما يدركه الراشدون ، اذ يختلف عنهم في مستوى قدرته على الإدراك و النظر و التحليل و الحكم ، و هكذا احتل الطفل موقع المركز في المنظور التربوي لدى روسو.
تتساوى مهمة الناس في حالاتهم الطبيعية" أن يصبحوا رجالا" ، أما المهمة الحقيقية يشير إليها روسو قائلا "أنا لا يعنيني أن يكون مصير تلميذي الانضمام إلى الجيش أو الكنيسة أو الاشتغال بالقانون ،فالطبيعة تندبه قبل كل شيء للحياة الإنسانية ، والحياة هي المهنة التي أريد أن ألقنه إياها ، و حين يتخرج من يدي لن يكون قاضيا أو جنديا أو قسيسا ، بل سيكون أنسانا قبل كل شيء ، بكل ما ينبغي أن يكونه الإنسان ، وسيعرف كيف يكون على الوجه الصحيح مهما غيرت الأيام من وضعه ،فسيكون دائما في موضعه الحق"لكن علينا أن نرى الطفل في الطفل لا في الرجل[14] .
الطفولة مقدسة لأنها هي مشتل التربية " الإنسانية " ولها قانونها أو نحوها الخاص في التفتح لأن الأطفال يولدون وهم يكتسبون القدرة على التعلم أي: متهيئون بالفطرة لذلك " nous naissons capable d’apprendre"، لذلك فإنه من الضروري أن نقيم التربية على مبدأ الحرية ، أي ان نوفر للطفل الشروط التي تحميه من المخاطر أو أن نغلق المنافذ التي يأتي منها الشر لبراءة الطفولة ، هذا في المراحل العمرية الأولى لأن روسو يميّز بين ثلاث أنواع من التربية : تربية الطبيعة و تربية الأشياء و تربية الأسرة :يقول روسو " إذ كنا نهيئ التربة للنباتات بالفلاحة فأننا نقوم بالشيء نفسه للإنسان عبر التربية،اننا نولد ضعفاء، و نحتاج إلى قوى ورعاية ، نولد أغبياء " stupide" لذلك نكون بحاجة إلى ملكة الفهم ، فكل ما لم نكتسبه لحظة ولادتنا، وكل ما كنا في حاجة إليه طيلة سيرورة نمونا يتم اكتسابه عن طريق التربية [15].
بعد المرحلة الأولى من التربية تساءل روسو عن دور المربي وحدود تدخله في مهمة التربية ؟ هل عليه أن يهذب أو يؤدب الطفل أم أن يقوده " يرافقه " فقط " ؟فيما يتمثل دور المربي، هل هو إعطاء تعاليم معينة أم دوره أن يسهل الطريق للمتعلم من أجل أن يصل لاكتشاف التعاليم بنفسه بما يتوافق مع مستوى نضج ملكاته لا سيما ما يتعلق بالدين و الميتافيزيقا و المجردات ؟
بالنظر إلى الفكر الفلسفي لروسو فيما يتعلق بالتربية والطبيعة والحرية تتضاعف المفارقات عندما ندخل في التفاصيل و عن كيفية إقامة التربية عل مبدأ الحرية كما يطرحه روسو ، و المؤسسات التعليمية التي تنتمي إلى وضع بشري يقوم على قواعد مؤسسية بتوجيهات تربوية مسطرة من قبل منظومة تربوية أنشأتها الدولة أي " مؤسسة تعليمية إيديولوجية – بمعنى ليست بريئة- بوصفها نظاما سياسيا و قانونيا واجتماعيا يجسد وجهها السلطوي ، من خلال شتى أنواع البرامج و المناهج الدراسية و جملة الضوابط الإدارية و القرارات ،فهذه المؤسسة التعليمية بسلطتها الواضحة والمستترة[16]،هي التي ستستقبل في فضائها الطفل المتعلم ليربى بناءا على تنفيذ و احترام تام للسياسة التربوية للدولة، وهذا ما يتعارض مع المشروع الروسوي في التربية
من هذا المنطلق فإن مقاربة الإشاكلية المرتبطة بسؤال التربية و الحرية والسلطة و الطفولة جعل روسو يعتقد بشدة أن قيام نظام الدولة الجديد ، ونمط وجود اجتماعي جديد يقتضي أولا تكوين إنسانية جديدة، إنسانية أساسها الحق ، الحرية ، المواطن، العدل ، وهذا الأمر يقتضي وضع نظام للتربية و التعلم يخدم هذه الغاية وهذا ما ينبغي أن تؤسس عليه المدرسة في جميع المجتمعات كهيأة من أجل بناء مشروع مجتمعي .
فالفكرة التي سيطرت عل روسو هي "ضرورة استعادة العلاقة الجوهرية بالطبيعة ، واستعادة طبيعتنا الخاصة" فعلى التربية أن تحترم هذا المبدأ وتشتغل عليه : أن تفهم حرية الطفل باعتبارها الأرض التي تستنبت فيها " القيم الإنسانية " و هذا هو الواجب الأول و الأساسي للكبار اتجاه الطفولة" أن يكون الكبار إنسانيين في مختلف مراحل النمو و حالاته ، فهل هناك حكمة خارج مفهوم الإنسانية؟....علينا أن نحب الطفولة و أن نوفر لها اللعب الذي تستحقة[17]"
اننا في كل حين نجد الأطفال يحلمون بما يشعرهم بالطفولة " كاللعب " و لا يحاولون تقرير كل شيء أنها حال البراءة التي لا تتمفصل عن الطبيعة في حالة استقلال وجداني ذاتي ....ألا يحلم البالغون بطفولتهم ؟ على وجه التحديد لأنهم يحلمون بحالة البراءة هذه التي لا يتعين على المرء أن يقرر فيها كل شيء ، أليست هذه البراءة من الطفولة بالتحديد هي التي تقربنا من حقيقة الأشياء و العالم ؟ كيف يمكن أن نكون مثل هؤلاء الأطفال و لا نتشوه تماما بعد التعليم لنجد حياتنا الجادة مليئة بالمسؤوليات و الاجتماعات التي لا تنتهي، إن متعة البداية وعفوية اللّعب بداخلنا لا تنتهي و بهذا المعنى ، فإن العودة الى الطفولة ليست تراجعا ...بل العودة إلى الطيبة ، الى الصدق إلى حقيقتنا الأصيلة إلى الطمأنينة في أحضان الطبيعة و التحرر متاعب التحضر و التكلّف و ما نتج عنه من آلام اثر ذلك الانزلاق عن المسار الحقيقي للإنسان.
---------------------------------
المصادار و المراجع:
[1]- ول وايرل ديورانت ، قصة الحضارة ، روسو والثورة ، تر، فؤاد اندراوس دار الجيل للطباعة والنشر و التوزيع ، ط 39، بيروت ، لبنان ، ص 10
[2] - المرجع نفسه ، ص 08
[3] - في البداية كان روسو يقدم الإعترافت هذه على شكل قراءات بعدما صودرت مؤلفاته ومنعت من الطبع ، فصدر قانون أخر يعاقب على ذلك فقرر أن يكتب اعترافاته ويتركه للإنسانية جمعاء
[4] - روسو جوت جاك ، الإعترافات ، تر مراد حلمي ، دار البشير للطباعة و النشر ، دمشق ، لبنان ، ص 09
[5] - ديوانت ول ، المرجع نفسه ، ص 11
² - اتهم روسو كل من جريم وديدروا بأنهما تأمرا على بعض الحقائق عن علاقات روسو و محاولات تشويه سمعته في صالونات باريس حيث رججت كفة النقد ضد روسو
[6] - ركلين ، م ، روسو والتصورات الأساية لبناء علم الإنسان ، تر النجار حسين فوزي ، المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية ، منظمة اليونسكو ، المجلد 9 ، ع 36 ، ص 122
[7] - روسو جون جاك ، الإعترافات ، ص 66.
[8] - ول ديورانت ، مرجع سابق ، ص 16
[9] - Gaffiot, F. Dictionnaire Latin Français (Vol. II). france: Hachette
[10] - Godefroy, F. Dictionnaire de l'Ancienne Langue Française (Vol. 3). paris , frande: f.viewg.libraire - éditeure1884 ; p 978
[11] Ibid. p ; 140
[12] - محجوب محمد ،الطفولة مدخل للإنسانية فينا ، مؤمنون بلا حدود ، 27 مارس 2019
[13] - روسو جون جاك ، إميل أو في تربية الطفل من المهد إلى الرشد ، تر ، نظمي لوقا ، الشركة العربية للطباعة و النشر ، مصر ، ص 19
[14] - المصدر نفسه ، ص 31، 32
[15] - محمد طواع ، جون جاك روسو ، أو ميلاد مفهوم الطفولة الحديث ، مجلة الطفولة العربية ، الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية ، مج19 ، ع73، 2017، ص 108
[16] - المرجع نفسه ، ص 110
[17] - المرجع نفسه ، 112
- التفاصيل
- كتب بواسطة: مسير الموقع
- انشأ بتاريخ: 10 أوت 2022