لغتي هويتي

 

المؤلف : أ.د.دراس شهرزاد  

المؤسسة: قسم الفلسفة، جامعة وهران2

للإتصال بالمؤلف : عنوان البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مخبر البحث  :الأنساق، البنيات النماذج والممارسات، جامعة وهران2

 

 

 

 

 

 

لغتي هويتي "بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الموافق 18 ديسمبر من كل سنة".

بعد بسم الله رحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله

قال الله تعالى: ʺإنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلونʺ  -سورة يوسف الآية2-

 

قال أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله: 

                   و يجمعنا إذا إختلفت بلاد ***بيان غير مختلف و نطق

وقال شاعر النيل حافظ إبراهيم رحمه الله:

أيهجرني قومي عفا الله عنهم ***إلى لغة لم تتصل برواة؟

ثم يقول الدكتور عبد الكريم اليافي رحمه الله :

مهما تقاربت الأقطار أو بعدت***فنسبة الضاد عندي أشرف النسب

 

اللغة العربية عروة تجميع الماضي بالحاضر ثقافة, و تطبع الناطقين بها هوية.

اللغة العربية هي لساني و كياني، فهي تملأني إحساسا عظيما بالانتماء إلى وطني و ديني ، فهي نسبي وهويتي.

تحمل اللغة العرية مفاهيما وأفكارا و نظما و قيما وأخلاقا فهي لغة الدين و الثقافة و الحضارة و العلم و المعرفة، وهنا أتوقف و أساءل:

ماهو مستقبل اللغة العربية في القرن الحادي و العشرين في دارها و بين أهلها و في الخريطة اللغوية العالمية؟

يشير واقعنا اليوم بعد مرور عشرون سنة من الألفية الثالثة إلى أزمة متشابكة و معقدة و الى حالة من الاغتراب لسببين هامين و هما:انبهار أبناءها باللغة الأجنبية و أهمالهم للغتهم الأم و إستعمالهم للعامية بدلا من الفصحى و الزحف اللغوي الإنجليزي و الفرنسي من المغرب إلى الخليج بحكم هيمنة العولمة بواسطة تكنولوجيا الإتصال و المعلومات؛ الواقع مع الأسف الشديد يدفع إلى التشاؤم و خاصة عندما نجد العالم العربي يتكلم عن كيف نحمي اللغة العربية بدلا من نشرها و بعثها و تطويرها من جديد و تكييفها مع تحولات و تطورات القرن الحادي و العشرين.

فاللغة تتقدم و تقوى بالعلم و المعرفة و الثقافة و لايعزز  من حضورها و قيمتها إلا بنشرها و توسيعها كلغة فصيحة قوية مبدعة في العلوم و الحضارة، قال القائد الفيتنامي ̎ هو شي مينة̎

ʺلا انتصار لنا على العدو إلا بالعودة إلى ثقافتنا القومية و لغتنا الأم، و قال أيضا لجنوده:ʺحافظوا على صفاء لغتكم كما تحافظون على صفاء غيونكم، تجنبوا أن تستعملوا كلمة أجنبية في مكان بإمكانكم ان تستعملوا فيه كلمة من لغتكم الأصلية." لمواجهة هذا الوضع لا يكون إلا بتقوية المناعة اللغوية للغة الأم و بتخطيط لغوي و طني و محاربة الأوهام مثل القول بصعوبة اللغة العربية أو اعتبارها عائقا يؤخر صناعة المعرفة و العلم ، أو انها ليست من اللغات الكونية.

تتم المجابهة و المواجهة بتكمين اللغة العربية من مكانتها الحقيقية و تفعيلها في المستويات التعلمية في هذا أقترح ʺ لا شهادة البكلوريا مع ضعيف في اللغة العربيةʺ و لا يتحقق هذا إلا بتعزيز الإيجابيات في تعليم اللغة العربية و ممارستها مع طرح المستقبل في ضوء نظرة علمية نقدية موضوعية، فبناء الهوية لايتم إلا بتعلم اللغة، و بها يتعرف الشخص على ذاته و يدرك كيفية فهمه لعلاقته بالعالم فاللغة هي الوسيلة الرئيسة و الأكيدة التي بها يتم تنظيم حضورنا في الزمان و المكان و فهمنا لإمكانياتنا في المستقبل.

لابد من أن يدرك أبناؤها و بناتها قيمتها و يستشعرون بحيويتها فلغة الضاد لغة حية، فان لم تكن لهم لغة الدين ,أو لغة لتعليم المدرسي أو لغة التأليف و البحث و الإبداع ,فإنها ستؤول إلى الإندثار و الضمور أمام ما تحرزه اللغات الأخرى من تطور. "فلا ضير على اللغة العربية من تعلم لغات أخرى بل الضير ان تصبح تلك اللغات البديل عن اللغة الام" كما تحدث  الأستاذ ايمن الصياد رئيس تحرير مجلة"وجهات نظر". فلا نكتفي بمدح لغة الضاد  بل ندعوا الى الاكثار من استخدامها ولا يجب الاكتفاء بمديحها.

 

تعلموا اللغة العربية فسترون العالم بنظرة مختلفة

فلكل قوم لسان يعرفون به إن لم يصونوه لم يعرف لهم نسب.    

اهدي هذه الكلمة الى كل الناطقين باللغة العربية و محبيها

 

أ.د.دراس شهرزاد

 

 

فلسفة و ثقافة

علوم اجتماعية

علوم انسانية

أدب و ترجمة