
بختي بن عودة مفكر الدهاليز..
المؤلف: الأستاذ بودومة عبد القادر
المؤسسة: شعبة العلوم الانسانية، جامعة تلمسان
مخبر البحث : الفينومينولوجيا وتطبيقاتهابجامعة تلمسان
البريد الالكتروني: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
بختي بن عودة مفكر الدهاليز..
"بختي بن عودة" ابتداء البحث عن حقيقة مختلفة، حقيقة لا تتماثل مع تلك التي كثيرا ما اعتدنا توزيعها من طرف سلط معرفية حاولت و لا تزال إلى يوم الناس هذا محاصرة كل بحث مغاير يختلف عنها باعتماده كيفيات تتميز بالتجاوز والانقلاب على المعتاد و المألوف من الأفكار المشوهة و الزائفة. فضل "بختي بن عودة الكيفية التي تمكنه من السير داخل سراديب و دهاليز أنسجة معمارية تتميز بالوعورة و الصعوبة من فرط التباسها و ظلمتها. لم يكن بختي بن عودة من نوع الكتاب أو لنقل المفكرين المنشغلين بالسطح ، و لا من نوع المفكرين المهوسين بالعمق ، عمق الأشياء . كما لم يكن من صنف أولئك الباحثين عن الأصل. إن كل قول بالأصل لن يكون إلا زيف و بهتان لا غير.
لقد فضل بختي في كل هذا الدفع بتجربته الفكرية نحو الأعماق. حيث الدهاليز و السراديب مفضل غرس رأسه بداخل مستنقعات مضللة و مقززة و منفرة....يمثل الذهاب نحو الأعماق نحو ما هو أكثر من الأصل ممارسة نقدية جذرية هي بمثابة تدمير لنرجسية و حماقة الذات. الذهاب إلى حيث الهاوية و الكارثة ففي لحظة الاندفاع نحو الدهاليز يحدث الهدم و التحطيم لأوثان الوثوقية العقدية و الإيديولوجية . النقد في دلالته الجذرية هو ضرب من الجينيالوجيا ال"نيتشوية". باعتبارها استخفافا بالحفاوة التي حظي بها البحث عن الأصل بهدف تأصيل زائف.أصل اسمي هو مجرد فائض من النمو الميتافيزيقي، قائم بالأساس على تصور مؤداه أن الأمور في بدئها تتوفر على ما هو مؤلم جدا و جوهري جدا. "ما هوية الكارثة ؟ ما أطرافها المختفية وراء تقنيات الأمر و النهي ؟ كيف تتراجع المعرفة النقدية لصالح التفقه و التدجيل و غراميات متفجرة بتراجيديات الليل و النهار و خواطر تجري بما لا تشتهي ثقافة ال"فاسفود" و هل لإعلاناتكم تزن مثقال صورة فنية أو فقرة فلسفية أو بطاقة فنية ؟" أسئلة توجه من خلالها بختي بن عودة الى قلب أرض الكارثة و الهاوية.
حاور" بختي بن عودة" الأصل ، و كان ممره لأجل ذلك مجلة التبيين" اذ شكل لديه عبور كاسح لمأزق و لأزمة الثقافية التي تعكسها ندرة النص المكتوب و المسكون بهوس السؤال ، و بجذرية الممارسة النقدية مثاله في ذلك مجلة التبيين " يقف عندها في اللحظة التي فتحت له المجلة مساحة لابتزاز القارئ الكسول و الكاتب الانتهازي و الوصولي الذي يتخذ من الكتابة مطية لبلوغ منافع رخيصة. متوجها رأسا نحو الكشف عن المؤلف المغاير الذي يفضل بختي بن عودة استضافته ليكتب خارج الكتابة المألوفة ، استضافة ليكتب نصا مختلفا يدمر عبره تراتبيات و هرميات اعتاد النص المألوف الدفاع عنها..
كم كانت جميلة تلك اللحظة التي التقينا من خلالها بالنص ال"بختي" عبر منبر ال"تبيين" نصا يفكر بصوت جهوري و ثوري ينأى بنفسه عن استعلائية منفوخة بأنفاس الجاهز من الكتابات البائسة و في اختراق الأصول أصل مجلة "التبيين" ينفلت بختي من إغراءها التي تدعوه ليتخذ منها مسكنا له . علما أن النص المختلف لا تفتنه و لا تغويه الاقامات الدائمة.
لقد كان توجه بختي نحو الحفر في أعماق الأصل لم يكن أبدا بدافع الإقامة النهائية و لا بميل نحو الحنين. بل ذهابا بلا عودة و هو ابن العودة لكن ال"بخت" حال دون العودة بخت مجهول العواقب لا نعلم في نهاية المطاف ما سيسفر عنه الانتظار الدائم . هكذا فضل بختي بن عودة شق طرق سيره و عبوره دون تحديد المعالم الثابتة و النهائية . هكذا صال و جال ، قفز و وثب نحو أفق مأمول. لكنه كان يعلم إن إدراكه للأفق هو علامة موته المحتوم. هذا ما غفل عنه قتلته و المحرضين على قتله. إن بختي بن عودة اختار موته يوم اختار تجريب الموت ذاته عبر لكتابة.
- التفاصيل
- كتب بواسطة: مسير الموقع
- انشأ بتاريخ: 23 ماي 2022